إبراهيم رحمة/ البابُ مِنْ غيرِ قُفْلٍ لا معنى له وكذلك الحالُ في الوطنيةِ؛ الوطنيّةُ بابٌ والـمُواطَنَةُ قُفْلُها. وبعيدا عن التّنظيرِ كي لا...
إبراهيم رحمة/
البابُ مِنْ غيرِ قُفْلٍ لا معنى له وكذلك الحالُ في الوطنيةِ؛ الوطنيّةُ بابٌ والـمُواطَنَةُ قُفْلُها. وبعيدا عن التّنظيرِ كي لا يَغْرَقَ المرءُ في أبجديّةِ الكلامِ على حسابِ فِعْلِ الحركةِ ومفهومٍ واضحٍ لـمُمَارَسَةِ الحياةِ في إطارِ الدّولةِ فإنّه يكونُ من اللازمِ الالتفافُ حولَ المفهومِ العَمَلِيِّ للكلماتِ.
شَكّلت الوطنيّةُ في مرحلةٍ أولى من مراحِلِ إنشاءِ الدّولةِ العربيّةِ رَدِيفًا لمصطلَحاتٍ أخرى على غِرارِ "الاستقلالِ"؛ "الاحتلالِ"؛ "الثّورةِ" وغيرِها؛ غيرَ أنّه وبعدَ تَشَكُّلِ الدولةِ العربيّةِ على اختلافِ أشكالِـها؛ استمرَّ الاستثمارُ في مفهومِ الوطنيّةِ؛ إلا أنّ الأهدافَ ومِن استثمارٍ قَصْدَ استحداثِ فَرْدٍ يَعِي ذاتَهُ ومكانَهُ وزمانَهُ للوصول إلى مَوْقِفِيَّةٍ ذاتِ أثرٍ إيجابِـيٍّ؛ تَغَيَّرتْ إلى استثمارٍ في ميكانيزماتٍ تخديريّةٍ مع إلغاءِ العقلِ؛ أنتجَ فردًا مَسْخًا سَاهَمَ في هيمنةِ الآخَرِ وأحيانا عن حُسْنِ نِيَّةٍ.
وعِوَضَ أنْ تُؤَدّي الوطنيةُ إلى إنتاجِ مُوَاطِنٍ بمعناهُ الأصيلِ؛ أنتجَتْ جَـمْعًا هَجِينًا يَتَكَوّنُ من جملةِ أفرادٍ يُعانونَ من احتباسٍ فكريٍّ لا يَتَوَانَوْنَ في الانخراطِ في عمليّةِ اهتلاكٍ ذاتـيٍّ وداخليٍّ.
الوصولُ إلى درجةِ الـمُوَاطَنَةِ والوصولُ إلى الفردِ الـمُوَاطِنِ ليس بالأمر الهيّنِ السّهلِ بل إنّ هذا المشروعَ يَتَطَلَّبُ أجيالا من التّضحيّاتِ؛ غير أنّ في الدولةِ العربيّةِ لا تَقِفُ المشكلةُ عند حدِّ الصّعوباتِ والأجيالِ والتّضحيّاتِ؛ بل تَكْمُنُ المشكلةُ في عدمِ وجودِ القاطرةِ على السّكّةِ أصلا؛ وما لم تَكُنْ قاطرةُ النّهضةِ والبناءِ على سِكّتِها فإنّ أيَّ عمليّةٍ قد تبدو فِعْلَ نهضةٍ هي في حقيقتِها ومِنْ غيرِ أقنعةٍ مَـحْضُ هُرَاءٍ واستنزافٌ مُسْتَدِيمٌ لِمَكامِنِ الطّاقةِ الكامِنَةِ في المنظومةِ الفيزيائيّةِ للفردِ العربيِّ؛ بَدْءًا بهذا الفردِ كإنسانٍ ووُصولا إلى أرضِهِ.
لقد وصلَ الأمرُ بِتَزْيِيفِ المفاهيمِ حدَّ فَهْمِ الـمُوَاطَنَةِ شَكلا من أشكالِ الاعتراضِ على أيّ مفهومٍ كانَ أو أيِّ فعلٍ يُرادُ للفردِ اعتراضُهُ؛ كما أنّه وصلَ بِتَزْيِيفِ المفاهيمِ حدَّ توظيفِ جُملةٍ من آليّاتِ الحُكْمِ من ديمقراطيّةٍ وغيرِها وما هذا إلا لتمريرِ مشاريعَ مدنيّة مختلِفة قد تكونُ ضدَّ الوجودِ الطّبيعيِّ للفردِ العربيّ الذي نتكلمُ عنه وهي في مَنطقتِه.
أولى عَتَبَاتِ الـمُواطَنَةِ الوعيُ بالذّاتِ وبالمكانِ وبالزّمانِ وبهذا الوعيِ تَتَولّدُ المعرفةُ بالحقوقِ وبالواجباتِ ومعرفةُ فَنِّ مُـمَارَسَتِها؛ ليستْ الـمُوَاطَنَةُ في الاعتراضِ لِـمُجَرَّدِ الاعتراضِ أو لحسابٍ مَـخْفِيٍّ تحتَ طاولةِ المشهَدِ الرّاهِنِ أو مُوَاجَهَةٍ بالنّيابةِ؛ كما أنها ليستْ في الـمُظَاهَرَةِ والحَرْقِ أو الهَدْمِ؛ كما أنها ليستْ في المعارِكِ الدُّونْكِيشُوتِيَّةِ؛ كما أنها ليستْ في التّطبيلِ والانخراطِ في التّطبيلِ أو التّهليلِ؛ وليستْ في التّهويلِ؛ وليستْ وليستْ.
الـمُوَاطَنَةُ هي القُفْلُ الأصيلُ للوطنيّةِ؛ قد تَفْقِدُ وَطنيّةً؛ غير أنّ الـمُواطَنَةَ تجعلُ منك فردًا ذَا إيجابيّةٍ تَقِفُ عندَ عَتَبَةٍ حَدِّيَّةٍ في الوطنِ؛ لكنْ إذَا مَا فَقَدْتَ الـمُوَاطَنَةَ وإنْ كانَ في حُضُورِ وطنيّةٍ طاغيةٍ؛ ستكونُ ساعَتَهَا كذلك الدُّبِّ الذي وَمِنْ أجلِ قَتْلِ ذُبَابَةٍ حَطَّتْ على جبهةِ صاحِبِهِ النّائِمِ؛ هَشَّمَ رأسَ هذا الأخيرِ بالحَجَرِ.
ليسَ هذا إلا لأنّ الـمُوَاطَنَةَ فِعْلٌ واعٍ مُلْتَزِمٌ صامِتٌ ذو أثرٍ إيجابِـيٍّ في مسيرةِ الشّعوبِ التي قد تبدأُ بخطوةٍ حيثُ لا يَهُمُّ أنْ تكونَ ضئيلةً ولا يَهُمُّ إنْ كان أمامَهَا عشرةُ آلافِ مَيْلٍ وليسَ مَيْلا واحدا فقط؛ بل المهِمُّ أنْ تكونَ الخطوةُ صحيحةً.
شَكّلت الوطنيّةُ في مرحلةٍ أولى من مراحِلِ إنشاءِ الدّولةِ العربيّةِ رَدِيفًا لمصطلَحاتٍ أخرى على غِرارِ "الاستقلالِ"؛ "الاحتلالِ"؛ "الثّورةِ" وغيرِها؛ غيرَ أنّه وبعدَ تَشَكُّلِ الدولةِ العربيّةِ على اختلافِ أشكالِـها؛ استمرَّ الاستثمارُ في مفهومِ الوطنيّةِ؛ إلا أنّ الأهدافَ ومِن استثمارٍ قَصْدَ استحداثِ فَرْدٍ يَعِي ذاتَهُ ومكانَهُ وزمانَهُ للوصول إلى مَوْقِفِيَّةٍ ذاتِ أثرٍ إيجابِـيٍّ؛ تَغَيَّرتْ إلى استثمارٍ في ميكانيزماتٍ تخديريّةٍ مع إلغاءِ العقلِ؛ أنتجَ فردًا مَسْخًا سَاهَمَ في هيمنةِ الآخَرِ وأحيانا عن حُسْنِ نِيَّةٍ.
وعِوَضَ أنْ تُؤَدّي الوطنيةُ إلى إنتاجِ مُوَاطِنٍ بمعناهُ الأصيلِ؛ أنتجَتْ جَـمْعًا هَجِينًا يَتَكَوّنُ من جملةِ أفرادٍ يُعانونَ من احتباسٍ فكريٍّ لا يَتَوَانَوْنَ في الانخراطِ في عمليّةِ اهتلاكٍ ذاتـيٍّ وداخليٍّ.
الوصولُ إلى درجةِ الـمُوَاطَنَةِ والوصولُ إلى الفردِ الـمُوَاطِنِ ليس بالأمر الهيّنِ السّهلِ بل إنّ هذا المشروعَ يَتَطَلَّبُ أجيالا من التّضحيّاتِ؛ غير أنّ في الدولةِ العربيّةِ لا تَقِفُ المشكلةُ عند حدِّ الصّعوباتِ والأجيالِ والتّضحيّاتِ؛ بل تَكْمُنُ المشكلةُ في عدمِ وجودِ القاطرةِ على السّكّةِ أصلا؛ وما لم تَكُنْ قاطرةُ النّهضةِ والبناءِ على سِكّتِها فإنّ أيَّ عمليّةٍ قد تبدو فِعْلَ نهضةٍ هي في حقيقتِها ومِنْ غيرِ أقنعةٍ مَـحْضُ هُرَاءٍ واستنزافٌ مُسْتَدِيمٌ لِمَكامِنِ الطّاقةِ الكامِنَةِ في المنظومةِ الفيزيائيّةِ للفردِ العربيِّ؛ بَدْءًا بهذا الفردِ كإنسانٍ ووُصولا إلى أرضِهِ.
لقد وصلَ الأمرُ بِتَزْيِيفِ المفاهيمِ حدَّ فَهْمِ الـمُوَاطَنَةِ شَكلا من أشكالِ الاعتراضِ على أيّ مفهومٍ كانَ أو أيِّ فعلٍ يُرادُ للفردِ اعتراضُهُ؛ كما أنّه وصلَ بِتَزْيِيفِ المفاهيمِ حدَّ توظيفِ جُملةٍ من آليّاتِ الحُكْمِ من ديمقراطيّةٍ وغيرِها وما هذا إلا لتمريرِ مشاريعَ مدنيّة مختلِفة قد تكونُ ضدَّ الوجودِ الطّبيعيِّ للفردِ العربيّ الذي نتكلمُ عنه وهي في مَنطقتِه.
أولى عَتَبَاتِ الـمُواطَنَةِ الوعيُ بالذّاتِ وبالمكانِ وبالزّمانِ وبهذا الوعيِ تَتَولّدُ المعرفةُ بالحقوقِ وبالواجباتِ ومعرفةُ فَنِّ مُـمَارَسَتِها؛ ليستْ الـمُوَاطَنَةُ في الاعتراضِ لِـمُجَرَّدِ الاعتراضِ أو لحسابٍ مَـخْفِيٍّ تحتَ طاولةِ المشهَدِ الرّاهِنِ أو مُوَاجَهَةٍ بالنّيابةِ؛ كما أنها ليستْ في الـمُظَاهَرَةِ والحَرْقِ أو الهَدْمِ؛ كما أنها ليستْ في المعارِكِ الدُّونْكِيشُوتِيَّةِ؛ كما أنها ليستْ في التّطبيلِ والانخراطِ في التّطبيلِ أو التّهليلِ؛ وليستْ في التّهويلِ؛ وليستْ وليستْ.
الـمُوَاطَنَةُ هي القُفْلُ الأصيلُ للوطنيّةِ؛ قد تَفْقِدُ وَطنيّةً؛ غير أنّ الـمُواطَنَةَ تجعلُ منك فردًا ذَا إيجابيّةٍ تَقِفُ عندَ عَتَبَةٍ حَدِّيَّةٍ في الوطنِ؛ لكنْ إذَا مَا فَقَدْتَ الـمُوَاطَنَةَ وإنْ كانَ في حُضُورِ وطنيّةٍ طاغيةٍ؛ ستكونُ ساعَتَهَا كذلك الدُّبِّ الذي وَمِنْ أجلِ قَتْلِ ذُبَابَةٍ حَطَّتْ على جبهةِ صاحِبِهِ النّائِمِ؛ هَشَّمَ رأسَ هذا الأخيرِ بالحَجَرِ.
ليسَ هذا إلا لأنّ الـمُوَاطَنَةَ فِعْلٌ واعٍ مُلْتَزِمٌ صامِتٌ ذو أثرٍ إيجابِـيٍّ في مسيرةِ الشّعوبِ التي قد تبدأُ بخطوةٍ حيثُ لا يَهُمُّ أنْ تكونَ ضئيلةً ولا يَهُمُّ إنْ كان أمامَهَا عشرةُ آلافِ مَيْلٍ وليسَ مَيْلا واحدا فقط؛ بل المهِمُّ أنْ تكونَ الخطوةُ صحيحةً.
الجزائر في: 03 مارس 2010
.jpg)
التعليقات