شَرْعَنَةُ الاحتلالِ (العراقُ حالةً).. إبراهيم رحمة/ اختلالُ المفاهيمِ واهتزازُها –دونَ الغَوْصِ في مُسَبِّبَاتِ ذلك- يُؤَدِّي حَتْمًا إلى...

شَرْعَنَةُ الاحتلالِ (العراقُ حالةً)..
إبراهيم رحمة/
اختلالُ المفاهيمِ واهتزازُها –دونَ الغَوْصِ في مُسَبِّبَاتِ ذلك- يُؤَدِّي حَتْمًا إلى فوضى الأشخاصِ وإنّ فوضى الأشخاصِ تُؤَدِّي إلى فوضى الأفكارِ وإنّ فوضى الأفكارِ تُؤَدّي إلى فوضى الأشياءِ؛ فَيَتَوَلّد مَشْهَدٌ غريبٌ نَشَازٌ لا يَسْتَسْلِمُ إلى المنطِقِ المعروفِ مهما تَعَدّدت العمليّاتُ القيصريّةُ وتَنَوّعتْ؛ بل يخرُجُ عنه كحالةٍ من حالاتِ الذُّهَانِ والعِراقُ حالةً ومشهدًا يَرْسُمُ هذه الأيّام أبرَزَ المثالِ وحديثهُ يَدُورُ عن انتخابات.
من المعروفِ بَدَاهَةً أنّ الدّولةَ لا تقومُ إلا بِتَوَافُرِ جُملةٍ من الشّروطِ الدّنيا أهمُّها الأرضُ والشّعبُ والسّلطةُ؛ غيرَ أنّه في العالَـمِ الجديدِ والمنطِقِ الجديدِ وبعدَ اختلالِ المفاهيمِ أصبحَ في الإمكانِ غيرُ الممكِنِ وأصبحَ في المقدورِ (ربما إمعانًا في الاستغباءِ) وجودُ الدّولةِ بغيرِ أيٍّ من شُروطِها سواء منها اللازمةُ أو الكافيةُ؛ وأصبحَ وِفْقَ قانونِ مَنْ بِيَدِهِ القانونُ أن نُسَمّيَ العراقَ دولةً ونُضيفَ لها صفةَ السّيادةِ وبهذا التّسليمِ يُصْبِحُ القبولُ بوجودِ تسييرٍ لدى هذه الدّولةِ وبعمليّةِ إنماءٍ أمرًا قائمًا بذاتِهِ؛ في الوقتِ الذي يجبُ طَمْسُ الحقائقَ الصّارخةِ التي تقولُ إنَّ العراقَ كدولةٍ انتهى وإنّه مِنْ شعبٍ وطنِـيٍّ تَـحَوَّلَ إلى زُمَرِ عَشَائِرَ وفي أحسنِ الحالاتِ زُمَرِ قبائلَ؛ وإنّ العراقَ ليسَ إلا ساحةَ مَصْلَحَةٍ؛ وليسَ إلا حِزَامَ أمانٍ لكياناتٍ خارجيّةٍ منها ما يَنْعَتُهُ بعضُهم بالعدوِّ ومنها ما يُقَالُ عنه شقيقٌ وغيرُه صديقٌ.
الحديثُ عن العراقِ دولةً هو مِنْ حديثِ الهرطَقَةِ أو حديثِ الاستغباءِ وواقعُ الحالِ يقولُ إنّ العراقَ بلدٌ مُـحْتَلٌّ؛ شعبُهُ بينَ طريدٍ ولاجئٍ وقتيلٍ؛ ثرواتُهُ نزيفٌ؛ وأرضُهُ مُسْتَبَاحَةٌ وتاريخُهُ أيضا.
الحديثُ عمّا يجري هذه الأيامَ في العراقِ من عمليةٍ انتخابيّةٍ وإضفاءِ شرعيّةٍ عليه يُذَكِّرُنِـي بما كان يجري من حديثٍ في جزائر نهايةِ الأربعينِيّاتِ من القرنِ العشرينِ وما كان وقتَهَا من تَـهَافُتِ بعضُ الواجهاتِ أحزابًا وأعيانًا وغيرهم على مقاعِدَ في البرلمانِ وكلُّ الأمرِ تحتَ احتلالٍ هو فرنسا؛ غير أنّ التّاريخَ الذي يعلَمُ الخاصُّ والعامُّ أنّه لا يرحم؛ قد قال كلمتَهُ وسجّلَ ما كان من هذا أو ذاك وأعطى لكلِّ جهةٍ صفتَهَا التّاريخيّةَ.
لهذا فإنّ مَنْطِقَ رَسْمِ المشاهدِ حتى وإنْ كانتْ بالألوانِ الـمُتَّسِقَةِ الجاذِبةِ لا يُعْفِي أصحابَ الأرضِ وليسَ إلا أصحابَ الأرضِ؛ مهما تَضَاءَلَ شأنُـهُمْ أو حُضُورُهُمْ ومَهْمَا بَاعَدَتْ بينهم الجغرافيةُ من اتّـخاذِ الموقفِيَّةِ اللازِمَةِ حيثُ أنّ التّاريخَ لا يعترِفُ بمجالسِ أمْنٍ دُوَلِيَّةٍ ولا بِـهَيْئَاتٍ أمَـمِيَّةٍ ولا بلوائحَ أو قراراتٍ؛ إنّ التّاريخَ لا يعترِفُ إلا بالحقِّ والحقِّ في الحقِّ؛ حيثُ تَتَلاشَى عند عتباتِه كلُّ المساحيقِ وتَسْقُطُ كلُّ الأقنِعَةِ وتَفقِدُ حُجِّيَّتَها كلُّ شَرْعَنَةٍ (إضفاءُ الشّرعيّةِ) للغاصِبِ الـمُحْتَلِّ حتى وإنْ تَـمَظْهَرَ في شكلِ أعْتَـى قُوَّةٍ على وجهِ الأرضِ أو تحتِها تلك التي يُسَمُّونَـهَا الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيّةُ.
القفزُ فوقَ المنطِقِ وتَـجَاوُزُ البديهةِ أمر قد يَصْمُدُ إلى حِينٍ وَيَسُوغُ؛ إلا أنّه لن يَرسُمَ الحقيقةَ ولن يكونَ جَوَازَ شَرْعِيّةٍ ولا ميثاقَ حقٍّ مِثلَمَا أنَّ مُـحَاوَلَةَ إحلالِ الزّبَدِ مكانَ الماءِ هي عمليّةٌ غيرُ ذاتِ جَدْوَى مثلَمَا أنّ غَمْسَ سَبَّابَةٍ في مِحْبَرَةٍ بعدَ كُلِّ عمليّةِ تصويتٍ انتخابِـيٍّ لا تأتي بِدَولةٍ ولا بِوَطَنٍ.
الجزائر في: 06 مارس 2010
الاستاذ ابراهيم رحمة
ردحذفاسعد الله اوقاتك بكل الخير .
تسجيل حضور ولي عودة بعد القراءة ... رغم مللنا من السياسة العربية وساستها .
دمت بخير
كما أنتم دائما إخوتي في ركب الفرسان؛ أصحاب حضور فاعل؛
ردحذفوستجدون ها هنا غير السياسة فبقدر مللكم منها بقدر مللي؛ وهنا أحاول جاهدا أن أكتب ما وراء الحدث وليس مجرد وصفٍ لِمشهد أراد ناسجوه منا الانخراط في عملية استغباء جديدة أو معركة دونكيشوتية؛
ما لم يتحرّك أصحاب الرؤى المستنيرة فإن نهضتنا تظل محض خيال؛
لكم امتناني العميق؛
دام ظلكم؛
أنّ غَمْسَ سَبَّابَةٍ في مِحْبَرَةٍ بعدَ كُلِّ عمليّةِ تصويتٍ انتخابِـيٍّ لا تأتي بِدَولةٍ ولا بِوَطَنٍ.
ردحذف........................
أتمنى من كل قلبي الحرية للعراق
صدقت اخي في ما قلته وعن نفسي اوافقك الرأي
دمت بود وتألق
ريما الشيخ
ب فايزة تقول ..
ردحذفتحياتى أستاد إبراهيم رحمة
و أخيرا إستيقظ الحلم .. ممنوع النوم بعد اليوم .. بل محرم عليك النوم بعد هدا اليوم .
مدونة رائعة شكلا و مضمونا .. أفضل بكثير من حيث الشكل من مدونتك في مكتوب ..
نريد المزيد و المزيد و المزيد من الفكر و الإبداع أيها الفنان المبدع .. لا يجب أن تتوقف عند حدود هده المدونة الرائعة حقا ...
لي عودة في الموضوع ...
دمت متألقا
الأستاذة "ريما الشيخ" ولأن العراق يسكننا في العمق جاءت هذه الكلمات كي تقف مع الواقفين ضد عمليات الاستغباء التي تظهر هنا وهناك وتريد جر الحاضر العربي بعيدا عن وعيه وبعيدا عن الموقفية الواعية؛
ردحذفلك شكري وامتناني لهذا الحضور البهي؛
دام ظلك.
الأستاذة "ب فايزة" بكم تكون المسيرة ويكون للحراك معناه؛ والمدونة في انتظاركم على الدوام فهي تصبو إلى أن تكون لبنة في بناء الوعي الفردي والجَمْعي؛
ردحذفلك امتناني البليغ؛
دام ظلك.
مبروك على المدونة الجميلة دى
ردحذف- وياريت تستيقظ وبلاش احلام تانى
- فى انتظار المزيد من ابداعاتك
-
مساء الخير أستاذ إبراهيم
ردحذفمدونة جديدة ؟ ألف مبروووووووك
موضوعات شيقة باسلوب شيق
دمت متألقا موفقا باذن الله
تحياتى و تقديرى
سمراء النيل - هدى صالح يقول...
ردحذفمبروك على المدونة الجميلة دى
- وياريت تستيقظ وبلاش احلام تانى
- فى انتظار المزيد من ابداعاتك
الأستاذة الفاضلة صاحبة الحرف الأنيق "هدى صالح"؛
هذه المدونة بكم تستمد ألقها وما الحلم إلا إرهاص غير أننا لا نريده أن يتحوّل إلى الكابوس رغم ما في الجوار؛
لك امتناني على حضورك البليغ؛
دام ظلك؛
ناديه طه يقول...
ردحذفمساء الخير أستاذ إبراهيم
مدونة جديدة ؟ ألف مبروووووووك
موضوعات شيقة باسلوب شيق
دمت متألقا موفقا باذن الله
تحياتى و تقديرى
الأستاذة الكريمة "نادية طه"
حضورك فاعل على الدوام وكلمتك أريبة؛
لك شكري العميق؛
دام ظلك؛